بقلم : محمد جمعة
على غرار الموقف الدارج في الثقافة المصرية “أضرب يا جدع”، هاجت السوشيال ميديا وماجت خلال الأيام القليلة الماضية، شماتةً تارة، وطعنًا تارةً أخرى، و”تقطيع” تارةً ثالثة، في مشاهير التيك توك بعد أن تم ضبط عدد كبير منهم بتهم مختلفة، وكأن جمهور هؤلاء من خارج الكوكب، أو من “الشارع اللي وراه”.
لست هنا بصدد الدفاع عنهم؛ بالكاد أعرف واحدًا أو اثنين منهم بحكم مشاركتي في فعاليات ترفيهية عدة بدولة الكويت، حيث تصادف وجود شاكر “محبوس” كنجم يُحتفى به. وللأمانة، لم أعرف في المرة الأولى لماذا يلتف الحضور حوله لالتقاط الصور التذكارية، وعندما سألت وبحثت، أدركت مدى شهرته، فأعرضت عن المحتفين به وغادرت في صمت.
ولكنني أتحدث هنا عن ظاهرة “أضرب يا جدع” السائدة في المجتمع المصري منذ فترة، حيث يتم تجييش الرأي العام تجاه قضية فنية أو رياضية أو اجتماعية لحشد موقف مؤيد أو معارض دون سند منطقي أو تفسير مقبول لمن يتبنى موقفًا معينًا تجاه شخص أو تصرف أو جهة. ظاهرة تعكس انحدار الوعي، وانعدام الرغبة في تحليل الأمور والتروي في إبداء الرأي، حتى أصبح صاحب الصوت العقلاني يدلي برأيه على استحياء وخوف، وقليل من يتناقله، خشية أن تكون “الموجة” في اتجاه آخر، فيبدو صاحبنا كأنه يغرد خارج السرب… لماذا نُورّط أنفسنا معه؟
ويبقى أن بعض الهدوء في كثير من المعارك لن يضر.
في زمن أصبحت فيه الضوضاء هي اللغة السائدة، بات الصمت فعلًا شجاعًا، والعقلانية موقفًا نادرًا. لسنا مضطرين دومًا أن نكون جزءًا من القطيع، ولا أن نصفق لكل “جدع” يرفع صوته أولًا. أحيانًا، النجاة تكون في أن نحتفظ بمسافتنا، وننظر للأمور كما هي، لا كما يريد لنا “الترند” أن نراها. فالعقل، مهما همس، يبقى أوضح من ضجيج الأهواء.